src="http://www.facebook.com/plugins/likebox.php?href=http%3A%2F%2Ffacebook.com%2FLove2EGYcom&width=245&colorscheme=light&show_faces=true&connections=9&stream=false&header=false&height=270" scrolling="no" frameborder="0" scrolling="no" style="border: medium none; overflow: hidden; height: 270px; width: 245px;background:#fff;">By tqarob / +Get This!

0
جمال الحياة..في معرفة الله


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

( أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله ، وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة ، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه ، وماله بعد الوصول إليه ) ابن القيم رحمه الله .
إنها مقولة نورانية من طبيب القلوب العلامة الحبر شمس الدين ابن القيم رحمه الله ، تذكرتها وتأملتها في ظل عصرنا هذا الذي تنوعت فيه المعارف ، وتعددت فيه المشارب ، وأصبح العالم يقذف إلينا كل يوم معلومة جديدة ، واكتشاف حديث .
شعرت أننا بحاجة ماسة جدا لتدبر هذه الكلمة الموفقة ، خصوصا في ظل ما يلاحظ حاليا من تمرد ظاهر على حدود الله ، وانتهاك صارخ لأعظم مايمكن أن يقدسه مسلم على وجه الأرض – الله تعالى وتقدس _ .

إن القلوب إذا لم يحركها حادي معرفة الله عز وجل وتعظيمه ، فإن العطب سيتمكن منها ، والران سيكسوها ، فأي شيء يريده قلب لم يتعرف على الله عز وجل.
إن الحياة المادية إذا استغرقنا فيها وابتعدنا عن تذكير القلوب بهذا المعنى المهم ( معرفة الله ) فإننا ولا شك سنستجلب الهموم والغموم ، ونبتعد عن التوفيق ، بل وعن لذة الحياة ، فأي لذة في حياة من لم يتعرف على الله ، أو غفل عن سبل معرفته .
إن روح المؤمن إذا لم يحركها حادي الشوق إلى لقاء الله ، والتعرف عليه عز وجل ، بالقراءة في أسمائه وصفاته ، وتدبر كتابه ، فأي حادي سيوصلها إلى غياتها بعد ذلك !
وحتى نذكر أنفسنا ، ونتدارك تقصيرنا وتفريطنا دعونا نتأمل سويا شيء من كلام من عرف الله عز وجل – كما نحسبهم - ، لنعرف مدى تقصيرنا ، وتفريطنا في هذا الباب :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( والعلم بالله يراد به في الأصل نوعان :
أحدهما : العلم به نفسه ، أي بما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام ، ومادلت عليه أسماؤه الحسنى .
وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لامحالة ، فإنه لابد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته ، ويعاقب على معصيته ...
والنوع الثاني : يراد بالعلم بالله : العلم بالأحكام الشرعية من الأوامر والنواهي ، والحلال والحرام ...)
وقال رحمه الله ، في كلام بديع عن معرفة الله عز وجل : ( وهو - بحق – أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول ، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ...)
وقال رحمه الله وكأنه يحكي عن حاله : ( إن اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله – سبحانه وتعالى – وتوحيده والإيمان به ...وليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه ، ولاتمكن محبته إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه ) .
وقال رحمه الله: ( والعبد كماله في أن يعرف الله فيحبه ، ثم في الآخرة يراه ويلتذ بالنظر إليه )

قال الإمام ابن القيم رحمه الله ( ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إليه إلا هو رب العالمين ، وقيوم السموات والأرضين ، الملك الحق المبين ، الموصوف بالكمال كله ، المنزه عن كل عيب ونقص ...)
وقال رحمه الله في موضع آخر : ( فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها ، فكذلك العلم به ومعرفته أيضا ، فإن العلم من أفضل العبادات )
وقال أيضا في موضوع آخر : ( فالعلم بالله أصل كل علم ، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته ، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وماتزكو به وتفلح ، فالعلم به سعادة العبد ، والجهل به أصل شقاوته )
وتكلم بكلام نوراني – كعادته - فقال رحمه الله: ( لاسعادة للعباد ولاصلاح لهم ، ولانعيم إلا بأن يعرفوا ربهم ويكون وحده غاية مطلوبهم ، والتعرف إليه قرة عيونهم ، ومتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالا من الأنعام ، وكانت الأنعام أطيب عيشا منهم في العاجل وأسلم عاقبة في الآجل ) .

بل لله دره عندما قال رحمه الله – وتأمل - : ( والفرح والسرور ، وطيب العيش والنعيم ، إنما هو في معرفة الله وتوحيده ، والأنس به ، والشوق إلى لقائه ، واجتماع القلب والهمة عليه ، فإن أنكد العيش : عيش من قلبه مشتت ، وهمه مفرق عن ذلك ... فالعيش الطيب ، والحياة النافعة ، وقرة العين : في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول ، ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ، ولم يطمئن ، ولم تقر عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووليه ، الذي ليس من دونه ولي ولا شفيع ، ولاغنى له عنه طرفة عين ) .

وقال الإمام ابن رجب رحمه الله : ( أفضل العلم : العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله ، التي توجب لصاحبها مغفرة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه التوكل عليه والصبر عليه والرضا عنه والانشغال به دون خلقه ) .
قال الإمام السعدي رحمه الله : ( وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه ، فكلما ازداد معرفة بربه ازداد إيمانه ، وكلما نقص نقص ، وأقرب طريق إلى ذلك : تدبر صفاته وأسمائه من القرآن ) .

بعد هذه النقولات التي تبين أهمية معرفة الله عز وجل واللذة والثمرة التي يجدها المرء في ذلك ، يتبادر إلى الذهن سؤال مهم : كيف نتعرف على الله عز وجل :

وهو سؤال كبير ، ينبغي أن يكون شغلنا الشاغل خصوصا في ظل هذا البحر المتلاطم من الفتن ، ولعل الأصول الثلاثة التي يدور حلوها الجواب هي :
1- تدبر القرآن الكريم ، كلام الله عز وجل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه .
2- العيش مع أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، وتعلمها ، وتأملها ، وتدبر آثارها على حياتك .
3- كثرة العبادة وخصوصا عبادة التفكر والتقرب إلى الله عز وجل بأنواع العبادات .

وختام المقال كما بدأته بنقل نوراني لابن القيم رحمه الله ، أختم بنقل آخر له :
: قال رحمه الله : ( القرآن كلام الله، وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته، فتارة يتجلى في صفات الهيبة والعظمة والجلال، فتخضع الأعناق وتنكسر النفوس وتخشع الأصوات ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء.

وتارة يتجلى في صفات الجمال والكمال وهو كمال الأسماء وجمال الصفات وجمال الأفعال الدال على كمال الذات، فيستنفد حبه من قلب العبد قوة الحب كلها بحب ما عرفه من صفات جماله ونعوت كماله، فيصبح فؤاد عبده فارغا إلا من محبته، فإذا أراد منه الغير أن يعلق تلك المحبة به أبى قلبه وأحشاؤه ذلك كل الإباء كما قيل :
يراد من القلب نسيانكم *** وتأبى الطباع على الناقل

فتبقى المحبة له طبعا لا تكلفا، وإذا تجلى بصفات الرحمة والبر واللطف والإحسان انبعثت قوة الرجاء من العبد وانبسط أمله وقوي طمعه وسار إلى ربه وحادي الرجاء يحدو ركاب سيره، وكلما قوي الرجاء جد في العمل كما أن الباذر كلما قوي طمعه في المغل غلق أرضه بالبذر، وإذا ضعف رجاؤه قصر في البذر .

وإذا تجلى بصفات العدل والانتقام والغضب والسخط والعقوبة انقمعت النفس الأمارة وبطلت، أو ضعفت قواها من الشهوة والغضب واللهو واللعب والحرص على المحرمات، وانقبضت أعنة رعوناتها فأحضرت المطية حظها من الخوف الوخشية والحذر .

وإذا تجلى بصفات الأمر والنهي والعهد والوصية وإرسال الرسل وإنزال الكتب شرع الشرائع، انبعثت منها قوة الامتثال والتنفيذ لأوامره والتبليغ لها والتواصي بها وذكرها وتذكرها، والتصديق بالخبر والامتثال للطلب والاجتناب للنهي .

وإذا تجلى بصفة السمع والبصر والعلم انبعث من العبد قوة الحياء فيستحي ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه فتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسلة تحت حكم الطبيعة والهوى .

وإذا تجلى بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح العباد وسوق أرزاقهم إليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض إليه والرضا به، وما في كل ما يجريه على عبده ويقيمه مما يرضى به هو سبحانه والتوكل معنى يلتئم من علم العبد بكفاية الله وحسن اختياره لعبده وثقته به ورضاه بما يفعله به ويختاره له .
وإذا تجلى بصفات العز والكبرياء أعطت نفسه المطمئنة ما وصلت إليه من الذل لعظمته والانكسار لعزته والخضوع لكبريائه وخشوع القلب والجوارح له، فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه وسمته ويذهب طيشه وقوته وحدته .

وجماع ذلك أنه سبحانه يتعرف إلي العبد بصفات إلهيته تارة، وبصفات ربوبيته تارة، فيوجب له شهود صفات الإلهية المحبة الخاصة والشوق إلى لقائه والأنس والفرح به والسرور بخدمته والمنافسة في قربه والتودد إليه بطاعته واللهج بذكره والفرار من الخلق إليه، ويصير هو وحده همه دون ما سواه، ويوجب له شهود صفات الربوبية التوكل عليه والافتقار إليه والاستعانة به والذل والخضوع والانكسار له، وكمال ذلك أن يشهد ربوبيته فى إلهيته، وإلهيته في ربوبيته، وحمده في ملكه، وعزه في عفوه، وحكمته في قضائه وقدره، ونعمته في بلائه وعطاءه في منعه وبره، ولطفه وإحسانه ورحمته في قيوميته، وعدله في انتقامه، وجوده وكرمه في مغفرته وستره وتجاوزه، ويشهد حكمته ونعمته في أمره ونهيه، وعزه في رضاه وغضبه، وحلمه في إمهاله، وكرمه في إقباله، وغناه في إعراضه .

وأنت إذا تدبرت القرآن وأجرته من التحريف وأن تقضي عليه بآراء المتكلمين وأفكار المتكلفين أشهدك ملكا قيوما فوق سماواته على عرشه يدبر أمر عباده يأمر وينهى، ويرسل الرسل وينزل الكتب ويرضى ويغضب ويثيب ويعاقب ويعطي ويمنع ويعز ويذل ويخفض ويرفع يرى من فوق سبع، ويسمع ويعلم السر والعلانية فعال لما يريد موصوف بكل كمال منزه عن كل عيب لا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه، ولا تسقط ورقه إلا بعلمه ولا يشفع زهد عنده إلا بإذنه ليس لعباده من دونه ولي ولا شفيع ).
............................................................................
رابط الموضوع الاصلي

0
الصبر على الإصلاح



 بسم الله الرحمن الرحيم

إذا استحكمت الأزمات وتعقدت حبالها، وترادفت الضوائق وطال ليلها، فالصبر وحده هو الذي يشع للمسلم النور العاصم من التخبط، والهداية الواقية من القنوط.
والصبر فضيلة يحتاج إليها المسلم في دينه ودنياه، ولابد أن يبني عليها أعماله وآماله وإلا كان هازلاً .. يجب أن يوطن نفسه على احتمال المكاره دون ضجر، وانتظار النتائج مهما بعدت، ومواجهة الأعباء مهما ثقلت، بقلب لم تعلق به ريبة، وعقل لا تطيش به كُربة، يجب أن يكون موفور الثقة بادي الثبات، لا يرتاع لغَيْمة تظهر في الأفق ولو تبعتها أخرى وأخرى، بل يبقى موقناً بأن بوادر الصفو لابد آتية، وأن من الحكمة ارتقابها في سكون ويقين.
وقد أكد الله أن ابتلاء الناس لا محيص عنه، حتى يأخذوا أهبتهم للنوازل المتوقعة، فلا تذهلهم المفاجآت ويضرعوا لها. (1)
" ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم " [محمد : 31] .
وذلك على حد قول الشاعر :
عَرَفْنا اللَّيالي قَبلَ مَا نَزَلَت بِنَا --- فلمَّا دَهَتْنَا لَمْ تَزِدْنَا بِهَا عِلْما !
ولا شك أن لقاء الأحداث ببصيرة مستنيرة واستعداد كامل أجدى على الإنسان، وأدنى إلى إحكام شئونه.
قال تعالى : " وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور " [آل عمران :186] . (2)
والتريث والمصابرة والانتظار تتَّسق مع سُنَن الكون القائمة ونُظُمه الدائمة، فالزرع لا ينبت ساعة البذر، ولا ينضج ساعة النبت؛ بل لابد من المكث شهوراً حتى يجتني الحصاد المنشود. والجنين يظل في بطن الحامل شهوراً حتى يستوي خلقه، وقد أعلمنا الله عزوجل أنه خلق العالم في ستة أيام، وما كان ليعجز أن تقيم دعائمه في طرفة عين أو أقل. وتراخى الأيام والليالي على الناس هو المدى الذي تقتطع منه أعمارهم؛ وتستبين فيه أحوالهم، وتنضج على لهبه الهادىء طباعهم، ثم ينقلبون بعد إلى بارئهم.
" كما بدأكم تعودون، فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة " [الأعراف : 29،30].
فالزمن ملابس لكل حركة وسكون في الوجود، فإذا لم نصابره اكتوينا بنار الجزع، ثم لم نغير شيئاً من طبيعة الأشياء التي تسير حتماً على قَدَر.(3)
من نوح إلى محمد عليهما السلام صبر متواصل على الإصلاح 
يضرب لنا القرآن الكريم أروع الأمثلة في الصبر على الإصلاح، قال الله تعالى عن نوح عليه السلام:
"ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون" [العنكبوت:14].
هكذا ذكر الله عزوجل المدة التي قضاها نوح مع قومه، فما هي الوسائل التي استخدمها مع قومه ؟
قال تعالى :" قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً (5) فلم يزدهم دعائي إلا فراراً (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً (7) ثم إني دعوتهم جهاراً (8) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً (9) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً (10) يرسل السماء عليكم مدراراً (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً (12) ما لكم لا ترجون لله وقاراً (13) وقد خلقكم أطواراً (14) ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً (15) وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً (16) والله أنبتكم من الأرض نباتاً (17) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً (18) والله جعل لكم الأرض بساطاً (19) لتسلكوا منها سبلاً فجاجاً (20) قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً (21) " [نوح]
بعد هذا الجهد الكبير، وبعد هذا العمل المتواصل، ترى كم آمن مع نوح عليه السلام ؟
يقول الحق تبارك وتعالى :"حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل" [هود:40]
فرغم هذه المدة التي قضاها بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاماً لم يؤمن معه إلا القليل.
فعن ابن عباس: كانوا ثمانين نفساً منهم نساؤهم، وعن كعب الأحبار: كانوا اثنين وسبعين نفساً، وقيل كانوا عشرة، والله أعلم. (4)

النبي صلى الله عليه وسلم بذل الجهد الكبير في إصلاح الأمة، وفي نشر هذه الدعوة المباركة 

فعلى امتداد المرحلة المكية – ثلاثة عشر عاماً – أى أكثر من نصف عمر الرسالة – كانت الصناعة الثقيلة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي إعادة صياغة الإنسان، بإقامة الأصول، وتجيسدها في القلة المؤمنة. وفي دار الأرقم بن أبى الأرقم – مدرسة النبوة والمؤسسة التربوية الأولى في تاريخ الإسلام- كانت صياغة القلوب والعقول بخلق القرآن وقيم الإسلام، فلما تكون الجيل الفريد، وتبلورت الجماعة والأمة التي صنعها الرسول صلى الله عليه وسلم على عينه، جاءت – بعد الهجرة – مرحلة النشر والانتشار للإصلاح في ميادين الفروع، جاءت: الدولة، والسياسة، والجيوش، والفتوحات، والنظم والمؤسسات، والقوانين، والعلاقات الدولية إلى آخر ميادين فروع الإصلاح. لقد تقدمت "الدعوة" على "الدولة"، وتقدم تغيير "النفس"على تغيير"الواقع"، ولذلك كان التغيير منطقياً، وحقيقياً، وراسخاً كل الرسوخ.
وبلغ هذا الجهد من النبي صلى الله عليه وسلم حتى كانت"الأمة العامة" – التي اعتنقت الإسلام، عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم- قد بلغ تعدادها ...,124فإن "الأمة الخاصة" – التي مثلت الأعلام والقيادات والريادات والصفوة التي تخرجت من مدرسة النبوة – قد أحصى العلماء عددهم في نحو ثمانية آلاف – منهم أكثر من ألف امرأة – جاءت تراجمهم في الأسفار التي رصدت أعلام الصحابة، الذين صنعوا وقادوا – من حول الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم نماذج الصلاح والإصلاح في تاريخ النبوات والرسالات. (5)
لم يصبر النبي صلى الله عليه وسلم على صناعة النفوس فقط بل كان هناك صبر آخر على صناعة البيئة المهيئة للدعوة.

فقد أجمع المشركون من أهل مكة على محاربة الدعوة التى عرّت واقعهم الجاهلى، وعابت آلهتهم وسفهت أحلامهم – آراءهم وأفكارهم – وتصوراتهم عن الله والحياة والإنسان والكون، فاتخذوا العديد من الوسائل والمحاولات لإيقاف الدعوة وإسكات صوتها، أو تحجيمها وتحديد مجال انتشارها. فكانت هذه المحاولات الكثيرة لإيقاف هذه الدعوة من حروب مختلفة وأهمها ثلاثة أنواع من الحروب:

النوع الأول: حرب الإضطهاد 
وقد وجهت للضعفاء الذين لا عزوة لهم ولا عصبية. والرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يملك شيئا، وليس لديه ما يقدمه من حماية إذ رأى أسرة كأسرة عمار بن ياسر هو ووالده وأمه – رضى الله عنهم – إذ رأى الأسرة تعذب ماذا يقول لها ؟ لا يستطيع أن يقول إلا "اصبروا آل ياسر موعدكم الجنة "، وعن جابر – رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأهله وهم يعذبون فقال: " أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة ".
النوع الثاني: حرب السخرية 
وحرب السخرية كانت حربا فيها نوع من الإيذاء النفسي ومن الإحراج البالغ، كانت حربا موجعة " وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون"[الحجر:6] "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون (29) وإذا مروا بهم يتغامزون (30) وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين (31) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون (32)"[المطففين] إنهم يضحكون ويسخرون وينكتون غمز ولمز وتنكيت، لكن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ثبتوا وصبروا على هذا كله.
النوع الثالث: حرب المقاطعة والحصار
وهى حرب مؤذية عندما يكون الإنسان تاجرا ثم تتقرر مقاطعته، أو عندما يكون له بنات وبنون فيتقرر ألا يتزوج أحد من بناته، هكذا صنع المشركون بأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنهم تحملوا هذا كله وكان هذا الحصار الاقتصادى والاجتماعى فى آخر العام السابع من البعثة فازداد إيذاء المشركين من قريش، أمام صبر الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون على الأذى وإصرارهم على الدعوة إلى الله، وإزاء انتشار الإسلام فى القبائل، وبلغ هذا الأذى قمته فى الحصار المادي والمعنوي والذي ضربته قريش ظلما وعدوانا على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن عطف عليهم من قرابتهم . (6)
هذه هي بعض الصور في الصبر على الإصلاح، والتي تدعوا المسلم أن يتحلى بهذا الخلق، فلا يعجل، ولا يقنط، ولا ييأس من رحمة الله.

وسائل عمليه للصبر على الإصلاح 

هناك وسائل عمليه تعين المسلم على التحلي بهذا الخلق ومنها:

1- أن يعرف المسلم الغاية التي من أجلها خلقه الله في هذه الحياة 
إذا نظر المسلم إلى غايته هان عليه كل شىء في سبيلها، يقول الحق تبارك وتعالى:" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " [التوبة:111].
والغاية التي من أجلها يعيش الإنسان أن يعبّد هذا الكون لخالقه، وأن تنتشر تعاليم الإسلام بما تحمله من قيم الحق والخير والسعادة والعدل والمساواه بين الناس.
وهذا ما أجاب عنه"ربعي بن عامر" حين سأله "رستم" لماذا خرجتم من دياركم وطمعتم في غزو ديارنا ؟ أجاب: " لقد ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ". (7)
هذه الغاية أيضاً تمثلت في إجابة "حاطب بن أبي بلتعة" في حواره مع "المقوقس" – عظيم القبط بمصر- سنة 7هجرية، 628م والوارث لمواريث أقدم حضارات الدنيا وأعرقها.
لقد بدأ المقوقس حواره مع حاطب بالتحدي والتساؤل الاستنكاري، المتسائل عن صدق نبوة محمد وسلطان نبوته صلى الله عليه وسلم فقال لحاطب:
" ما منعه (أي الرسول) – إن كان نبياً- أن يدعو عليّ فَيُسَلَّط علىّ ؟!
فكان جواب حاطب:
منعه ما منع عيسى بن مريم أن يدعو على من أبى عليه أن يُفْعَلَ به ويُفْعَل!
(فوجم المقوقس ساعة – أي فترة- ثم استعاد إجابة حاطب، فأعادها عليه حاطب، فسكت المقوقس).
وهنا استأنف حاطب محاورة المقوقس، فقال:
إنه كان قبلك رجل – يشير إلى فرعون موسى- زعم أنه الرب الأعلى، فانتقم الله به – أي من الذين استخفهم فأطاعوه- ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يُعْتَبَر بك !وإن لك ديناً – أي النصرانية – لن تدعه إلا لما هو خير منه، وهو الإسلام، الكافي به الله فقد ما سواه. وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤك إياك إلى القرآن كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل. ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به" !
فمن جعل حاطب يتكلم بهذه الفلسفات في الدين، والدنيا، وفي الحرية، والتاريخ؟ ومن الذي جعله يكثفها في كلمات، هي عصارة للحكمة العالية ؟؟
إنها الغاية التي إذا عاش بها الإنسان أسفرت عن جميل الطبع وبديع الفطرة. (8)

2-
 أن يعرف المسلم طبيعة الحياة 
فإن الحياة الدنيا لم يجعلها الله دار جزاء وقرار بل جعلها دار تمحيص وامتحان، والفترة التي يقضيها المرء بها فترة تجارب متصلة الحلقات يخرج من امتحان ليدخل في امتحان آخر، قد يغاير الأول مغايرة تامة، أي أن الإنسان قد يمتحن بالشيء وضده، مثلما يصهر الحديد في النار ثم يرمى في الماء. وهكذا.
وكان سليمان عالماً بطبيعة الدنيا عندما رزق التمكين الهائل فيها فقال:
" هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم " [النمل:40].
والابتلاء بالأحزان مبهم الأسباب! ويحسن أن نفهم أن أوضاع الناس في الحياة كجيش عبىء للقتال، وقد تكلفُ بعض فرقه بالقتال حتى الموت، لإنقاذ فرقة أخرى، وإنقاذ الفرق الباقية يكون للقذف بها في معارك أخرى، ترسمها القيادة حسبما توحي به المصلحة الكبرى، فتقدير فرد ما في هذه الغمار المائجة لا ينظر إليه، لأن الأمر أوسع مدى من أن يرتبط بكيان فرد معين.
كذلك قد يكتب القدر على البعض صنوفاً من الابتلاء ربما انتهت بمصارعهم، وليس أمام الفرد إلا أن يستقبل البلاء الوافد بالصبر والتسليم، وما دامت الحياة امتحاناً فلنكرس جهودنا للنجاح فيه.
وامتحان الحياة ليس كلاماً يكتب أو أقوالاً توجه، إنها الآلام التي تقتحم النفس وتفتح إليها طريقاً من الرعب والحرج، إنها النقائص التي تجعل الدنيا تتخم بطون الكلاب، وتنيم صديقين على الطوى، إنها المظالم التي تجعل قوماً يدعون الألوهية، وآخرين يستشهدون وهم يدافعون عن حقوقهم المنهوبة.
إن تاريخ الحياة من بدء الخلق إلى اليوم مؤسف ! ومن الحق أن يشق المرء طريقه في الحياة وهو موقن بأنه غاص بالأشواك والأقذاء. (9)

3-
 أن ينظر المسلم إلى الأسباب لا إلى النتائج 
من أهم الوسائل للصبر على الإصلاح أن ينظر المسلم إلى الأسباب، فيبذل قصار جهده في تحصيلها، ولا ينظر إلى النتائج، فالنتائج بيد الله، والمسلم محاسب على العمل لا على النتيجة.
وأروع الأمثلة على ذلك:
ما قدمه المسلمون الأوائل من تضحيات جسام، ومع ذلك فإنهم قابلوا الحق تبارك وتعالى ولم يروا نصر الإسلام.
فهاهو ياسر وسمية رضي الله عنهما والدا عمار بن ياسر يموتون في سبيل الله، ويتحملون الأذى على تبليغ الدعوة، ويصبرون على الإصلاح، ومع ذلك ماتوا ولم يروا للإسلام راية ترفع، ولا دولة تقام، قاموا بما عليهم وكانت النتيجة على الله.
وهاهو سفير الإسلام مصعب بن عمير يقول عنه عبد الرحمن بن عوف:
قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطي رجلاه بدا رأسه وقال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. (10)
وعن خباب، قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله عزوجل. فمنا من مضى ولم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عمير قُتل يوم أحد، فلم نجد له شيئاً نكفنه به إلا نَمِره (11)كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه. فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي بها رأسه ونجعل على رأسه إذخِراً (12). ومنا من أينعت ثمرته فهو يَهْدِبُها (13)[أخرجاه في الصحيحين]. (14)

4-
 أن يتعرف المسلم على المنهاج الإسلامي في الإصلاح
للإصلاح – في الرؤية الإسلامية – منهاج متميز عن نظائره في كثير من الأنساق الفكرية والفلسفات والحضارات التي انتشرت وسادت خارج إطار الإسلام.
فالإصلاح الإسلامي ليس تغييراً جزئياً ولا سطحياً، وإنما هو تغيير شامل وعميق، يبدأ من الجذور، ويمتد إلى سائر مناحي الحياة، بل إنه لايقف عند ميادين الحياة الدنيا، وإنما يجعل من صلاح الدنيا السبيل إلى الصلاح والسعادة فيما وراء هذه الحياة الدنيا.
وهو لا يقف عند "الفرد" – كما هو الحال في المذاهب" الفردانية" – كما أنه لا يهمل الفرد، مركزاً على "الطبقة" – كما هو الحال في كثير من المذاهب والفلسفات الاجتماعية اليسارية- الوضعية والمادية – وإنما يبدأ الإصلاح الإسلامي بالفرد، ليكون منه الأمة والجماعة. فالإسلام هو دين الجماعة – والجماعة أشمل وأوسع من الطبقة- وبدون صلاح الأفراد لن يكون هناك صلاح حقيقي للأمم والمجتمعات.(15)
والإصلاح الإسلامي يقوم على التدرج – سنة الله في الأرض- فالزرع لا ينبت ساعة البذر، ولا ينضج ساعة النبت؛ بل لابد من المكث شهوراً حتى يجتني الحصاد المنشود. والجنين يظل في بطن الحامل شهوراً حتى يستوي خلقه، وقد أعلمنا الله عزوجل أنه خلق العالم في ستة أيام، وما كان ليعجز أن تقيم دعائمه في طرفة عين أو أقل.
هذه هي بعض الوسائل التي تعين على الصبر على الإصلاح، ندعوا الحق تبارك وتعالى أن يجعلنا من الصابرين الذين يوفون أجرهم بغير حساب.

الهوامش 

1- أي : يذلوا .
2- خلق المسلم ش/محمد الغزالي .
3- المرجع السابق .
4- مختصر ابن كثير للصابوني .
5- المنهاج الإسلامي في الإصلاح د/ محمد عمارة .
6- خطب الشيخ الغزالي دار الاعتصام .
7- دور الشباب في حمل رسالة الإسلام عبدالله ناصح علوان .
8- المنهاج الإسلامي في الإصلاح د/ محمد عمارة .
9- خلق المسلم ش/ محمد الغزالي .
10- موقع قصة الإسلام ( مصعب بن عمير ) .
11- النمرة : ثوب مخطط .
12- الإذخر : نبات ينبت في صحراء الجزيرة له رائحة زكية .
13- أي : يجنيها .
14- صفة الصفوة لإبن الجوزي .
15- المنهاج الإسلامي في الإصلاح د/ محمد عمارة .
...................................
رابط الموضوع الاصلي

0
الابتــلاء طريق الدعاة إلى الله عز وجل


قال الله  سبحانه وتعالى ) إِنَّا خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (  (1).
وقال الله  سبحانه وتعالى )  تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ  الْغَفُورُ(  (2) .
وقال الله  سبحانه وتعالى )  إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً  (  (3) .
  فالله  عز وجل قد اقتضت حكمته أن يبتلى الرسل بأممهم ، والأمم برسلهم ، والحكام بالمحكومين ، والمحكومين بالحكام ، والقوى بالضعيف ، والضعيف بالقوى ، والغنى بالفقير ، والفقير بالغنى ، والصحيح بصحته ، والمريض بمرضه ، والزارع بمزرعته ، والتاجر بتجارته ، والصانع بصناعته .. الخ . فالكل مبتلى كلٌ على قدر دينه . فعن سعد  رضي الله عنه  قال : سُئل النبى صلى الله عليه وسلم  : أى الناس أشد بلاءاً ؟ قال : " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلباً في دينه اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقه هون  عليه ، فمازال كذلك حتى يمشى على الأرض ماله ذنب " ( رواه الترمذى في الزهد ، وابن ماجة ، والدارمى ، وقال الترمذى هذا حديث حسن ) (4) .
وعن أنس  رضي الله عنه  قال : قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم  : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وأن الله  عز وجل  إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط " ( رواه الترمذى وحسنه ) (5) .

فطريق الدعوة هو طريق الإبتلاء فالنبى صلى الله عليه وسلم  قبل الدعوة وهو في العبادة في غار حراء يتعبد .. قالوا عنه الصادق الأمين .. لكن لما جهر بالدعوة  قالوا ( ساحر ، مجنون ، كذاب ، كاهن .. ) .
* الذهب قبل وضعه في الفاترينة لابد له أن يوضع أولاً في النار .
* فالابتلاء مادة الاختبار لأهل الإيمان .
* والابتلاء للمنافق يجعله كعود الكبريت المضىء سريع الإطفاء إذا جاءته الريح.
* والبلاء للمؤمن يجعله كالنار في الغابة كلما جاءتها الريح تزداد اشتعالاً .. وهذا يعنى أنه كلما يأتى المؤمن البلاء يزداد إيماناً على إيمانه وفي هذا يقول الرسول المصطفي الكريم  صلى الله عليه وسلم  " مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة ، ومثل الكافر مثل الأرزة لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر " ( رواه الإمام أحمد عن جابر ) (6) .
* وعن أبى هريرة  رضي الله عنه  قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تستحصد " ( متفق عليه ) (7) .

وللبلاء صور مختلفة : 

قال الله  سبحانه وتعالى ] وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [ (8) . فالصلوات والرحمة والهداية بعد الإبتلاء والصبر .. فمن صور الابتلاء ( الخوف ) كما في الأحزاب : 
   أخرج الحاكم و البيهقى عن عبد العزيز ابن أخى حذيفة  رضي الله عنه  قال : ذكر حذيفة  رضي الله عنه  مشاهدهم مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال جلساؤه : أما والله لو كنا شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا فقال حذيفة  رضي الله عنه  : لا تمنوا ذلك لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود وأبو سفيان ومن معه فوقنا وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحاً منها في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهى ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه فجعل المنافقون يستأذنون النبى الكريم  صلى الله عليه وسلم  ويقولون أن بيوتنا عورة وما هى بعورة فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له ويأذن لهم ويتسللون ونحن ثلاثة مائة ونحو ذلك إذا استقبلنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  رجلاً .. رجلاً حتى أتى علىَّ وما على جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط امرأتى ما يجاوز ركبتى قال : فأتانى وأنا جاثٍ على ركبتى فقال من هذا ؟ فقلت حذيفة ، فقال : حذيفة ، فتقاصرت للأرض قلت : بلى يا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كراهية أن أقوم فقمت فقال : وأنا من أشد الناس فزعاً وأشدهم قراً قال : فخرجت فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته قال : فو الله ما خلق الله فزعاً ولا قراً إلا خرج من جوفي فما أجد فيه شيئاً .
قال : فلما وليت قال : يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئاً حتى تأتينى قال : فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت ضوء نار لهم توقد وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيديه على النار ويمسح بخاصرته ويقول الرحيل .. الرحيل ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك فانتزعت سهماً من كنانتى أبيض الريش فأضعه في كبد قوس لأرميه به في ضوء النار فذكرت قول رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لا تحدثن فيهم شيئاً حتى تأتينى فأمسكت ورددت سهمى إلى كنانتى ثم إنى شجعت نفسى حتى دخلت العسكر فإذا أدنى الناس منى بنو عامر يقولون : يآل عامر الرحيل .. الرحيل لا مقام لكم وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبراً فو الله إنى لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم تضرب بها ثم إنى خرجت نحو رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فلما انتصفت بى الطريق    أو نحو من ذلك إذ أنا بنحو من عشرين فارساً  أو نحو ذلك معتمين ، فقالوا أخبر صاحبك أن الله قد كفاه فرجعت إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو مشتمل في شملة يصلى فو الله ما عدا أن رجعت راجعنى البرد وجعلت أقرقف فأومأ إلىًّ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو يصلى فدنوت منه فأسبل على شملته وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا حزبه أمر صلى فأخبرته خبر القوم أخبرته أنى تركتهم وهم يرحلون قال وأنزل الله تعالى : )  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً .. إلى قوله تعالى  .. وَكَفي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً  [  (9) .
( كذا في البداية ج 4 / 114 وأخرجه أبو داود وابن عساكر ) (10) .

ومن صور الإبتلاء ( الجوع ) الذى مر به أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :

أخرج أبو نعيم في الحلية عن سعد  رضي الله عنه  قال : كنا قوماً يصيبنا ظلف العيش بمكة مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وشدته فلما أصابنا البلاء اعترفنا لذلك ومرنَّا عليه وصبرنا له ولقد رأيتنى مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بمكة خرجت من الليل أبول وإذا أنا أسمع بقعقعة شئ تحت بولى فإذا قطعة جلد بعير فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها فوضعتها بين حجرين ثم أستفها وشربت عليها من الماء فقويت عليها ثلاثاً (11) .. ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب .. حياة الصحابة  رضي الله عنهم  فهو مليئ بقصص جوع الصحابة الكرام  رضي الله عنهم  وهى أكثر من أن تحصى .

ومن صور البلاء ( نقص الأموال ) :

أخرج البيهقى عن أبى عمران  رضي الله عنه  قال غزونا المدينة يريد القسطنطينية ، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو فقال الناس مه مه لا إله إلا الله يلقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب  رضي الله عنه  إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا : هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله  سبحانه وتعالى )  وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(  (12) فالإلقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد . قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية (13) .
وهذا دليل على أن الصحابة  رضي الله عنهم  بسبب انشغالهم بالدين جاءهم النقص في الأموال والأنفس فصبروا وابتلوا بالجوع والخوف فصبروا .

ومن صور البلاء ( الابتلاء في الجسد بالمرض وفقد الأولاد ) : 

- مثل سيدنا أيوب   عليه السلام  :
كان سيدنا أيوب   عليه السلام  كثير المال من سائـر صنوفه وأنـواعه مـن
الأنعام والعبيد والمواشى والأراضى المتسعة وكان له أولاد كثير فسلب منه ذلك جميعه وابتلى في جسده بأنواع من البلاء ولم يبق منه عضو سليم إلا قلبه ولسانه يذكر الله  عز وجل بهما وهو في ذلك صابر محتسب ذاكر الله  عز وجل ليله ونهاره وصباحه ومسائه (14) .
فنادى ربه .. ] وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [  (15) وقال تعالى ] وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ *ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ[  (16) .
- ومثل عروة بن الزبير :
عن نافع بن ذؤيب قال : لما قدم عروة بن الزبير على الوليد بنعبد الملك فخرج برجله الأكلة فبعث إليه يعنى الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم إن لم ينشروها قتلته ، فقال : شأنكم بها . قالوا : نسقيك شيئاً لئلا تحس بما نصنع قال : لا شأن لكم بها . فنشروها بالمنشار فما حرك عضو عن عضو وصبر ، فلما رأى القدم بأيديهم دعا بها فقلبها في يده ثم قال أما والذى حملنى عليك أنه ليعلم انى ما مشيت بك إلى حرام أو قال معصية .

وفي رواية  أخرى عن هشام بن عروة : 

قيل فقطعت وإنه لصائم فما تضور وجهه قال : ودخل ابن له أكبر ولده اصطبل فرفسته دابة فقتلته فما سمع من أبى في ذلك شئ حتى قدم المدينة ، فقال اللهم إنه كان لى بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وكان لى أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وإيم الله لئن أخذت فلقد أعطيت ولئن ابتليت طالما عافيت (17) .

ومن صور البلاء أيضاً : ( الإبتلاء بالنعم )  :

قال الله  عز وجل )  فَأَمَّا الأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (  (18) .
وقال  سبحانه وتعالى )  وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( (19)  .
فلابد أن يبتلى الإنسان بما يسره وما يسوؤه ، فالنعم من الله  عز وجل يظهر بها شكر الشكور وكفر الكفور …
فسيدنا سليمان   عليه السلام  عندما رأى عرش بلقيس عنده قال )  هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ  (  (20) .
والأبرص والأقرع والأعمى .. كما في  الحديث عن أبى هريرة رضي الله عنه  أنه سمع النبى  صلى الله عليه وسلم  يقول إن ثلاثة من بنى إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً .. فأتى الأبرص فقال ( أى شئ أحب إليك ..؟ قال : لون حسن وجلد حسن ويذهب عنى الذى قد قذرنى الناس . فمسحه فذهب عنه قذره وأعطى لوناً حسناً ، فقال : في المال أحب إليك قال : الإبل أو قال البقر -  شك الراوى – فأعطى ناقة عشراء فقال : بارك الله لك   فيها .
فأتى الأقرع فقال : أى شئ أحب إليك ؟ قال شعر حسن ويذهب عنى هذا الذى قذرنى الناس فمسحه فذهب عنه وأعطى شعراً حسناً قال : في المال أحب إليك قال : البقر . فأعطى بقرة حاملاً . وقال بارك الله لك فيها .
فأتى الأعمى . وقال : أى شئ أحب إليك ؟ قال : أن يرد الله إلىَّ بصرى فأبصر الناس فمسحه فرد الله إليه بصره . قال أى المال أحب إليك ؟ قال : الغنم . فأعطى شاة والداً فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا وادٍ من الإبل ولهذا وادٍ من بقر ولهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته . فقال : رجل مسكين قد انقطعت بى الحبال في سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذى أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ به في سفرى . فقال : الحقوق كثيرة . فقال : كأنى أعرفك . ألم تكن أبرص يقذرك الناس . فقيراً فأعطاك الله ؟
فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثلما رد هذا ، فقال :إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بى الحبال في سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذى رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفرى . فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلىَّ بصرى ، فخذ ما شئت فو الله لا أجهدك اليوم بشئ أخذته لله   عز وجل . فقال : أمسك مالك فإنما أبتليتم فقد رضى الله عنك وسخط على صاحبيك . متفق عليه (21) .
يقول الشيخ محمد عمر البلامبورى – رحمه الله - (22) : 
متى يعرف أنه ابتلاء لترقية العبد ومتى يعرف أنه ابتلاء عذاب ونقمة ؟ إذا كان الابتلاء بعد الطاعة وامتثال الأوامر فهو نعمة لترقية العبد ، أولاً  يأتى المشقة ثم يأتى الراحة. أما إذا جاء الابتلاء بعد المعصية مثل فرعون  )  أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاتُبْصِرُونَ [ (23) .  وقارون ] قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (  (24)  كانا أولاً في الراحة ثم أتى عليهما المشقة .
وقيل .. وُكِلَ البلاء بالولاء حتى لا يُدعى ..
   فالذى يقول أنا مؤمن .. أنا موحد أنا مجاهد يأتيه البلاء .
قال تعالى : )  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (  (25) .
لذلك يأتى الاختبار من الله  عز وجل )   الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (  (26) .
وقال تعالى )  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (  (27) .
ولذلك جعل الله  عز وجل الميزان هو الجهد .. قال تعالى :)  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (  (28) وقال تعالى  : )  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (  (29) وقال تعالى :)  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (  (30) .

ويقول ابن القيم رحمه الله : 

.. البلاء لابد له من صبر …  والصبر ثلاثة أنواع بها يكتمل الصبر :
 *   حبس النفس عن التسخط بالمقدور .
 *   حبس اللسان عن الشكوى .
 *   حبس الجوارح عن المعصية ( كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعوى الجاهلية) .
فإذا صبر الإنسان صارت المحنة منحة .. والبلية عطية .. والمكروه محبوب .. فالله  عز وجل ما امتحنه ليهلكه ولكن امتحنه ليختبر صبره وعبوديته فإن لله  عز وجل عبودية في السراء وله عبودية في الضراء وله عبودية على العبد فيما يكره كما له عبودية فيما يحب ، وأكثر البشر يعطون العبودية فيما يحبون ولكن تتفاوت المنازل عند الله (31) .

والابتلاء … لماذا ..؟

1) ليميز الله  سبحانه وتعالى الخبيث من الطيب ..
- وقد سئل الإمام الشافعى : يا أبا عبد الله : أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى ؟
-  فقال الإمام الشافعى : لا يُمكن حتى يُبتلى فإن الله إبتلى نوحاً وإبراهيم و موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم (32) .
2) للإختبار : قال تعالي :  )وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ((33)  وقال تعالي :  )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ(  (34) {}
3) والله يبتلينا لنرجع إليه بالتوجه والدعاء والذل والمسكنة " اللهـم إنـى أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى .. الخ " . والصبر على محن الدنيا أهون من الصبر على محن النار (35) .
*  فالذى يريد الدين بدون أحوال كالذى يريد العوم والسباحة بدون أن يبتل والذى يريد الملاكمة بدون أحد يلمسه .
*  الأحوال ليس مقصد ولكن مقصود الأحوال التربية .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا إبراهيم عليه السلام في النار .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا إسماعيل   عليه السلام  في وادى غير ذى زرعٍ .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا يونس   عليه السلام  في بطن الحوت .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا موسى   عليه السلام  في بيت فرعون .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم  في شعب أبى طالب ، وفي الغار .
*   والصحابة تربوا في شعب أبى طالب ثلاث سنوات لأنهم الذين يذهبون إلى كسرى وقيصر والمقوقس والنجاشى والعالم كله … فالله  سبحانه وتعالى يُعدَهم للعمليات الخاصة لذلك فالله  سبحانه وتعالى ما نزل عليهم المن والسلوى وأكلوا ورق الشجر ، الله  سبحانه وتعالى يربى الداعى ويعلمه بنفسه .
*   فالحكومة تدرب رجال الصاعقة في الصحراء وتدربهم على أكل الحيات مع أن الحكومة عندها الطعام الشهى وكذلك الفنادق .. حتى يكونوا رجال عند الشدائد .
*  س : لماذا تأتى الأحوال على الداعي الخارج في سبيل الله  عز وجل ؟
·  ج : لأنه على طريق الأنبياء   عليهم السلام  وكان يصيبهم البلاء والامتحان والذى تأتى عليه الأحوال ويثبت ينزل الله  عز وجل كيفيات القلب التى كانت في قلب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  (36) .
على الداعى أن لا يتأثر من الأحوال :
أبو بكر الصديق  رضي الله عنه  ما تأثر بموت الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  بل تأثر بالأمر ( كيف يعزل أسامة وقد عينه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ) وقال أبو بكر الصديق  رضي الله عنه  كلمة هى سبب قيام الدين في العالم إلى يوم القيامة .. أينقص الدين وأنا حى .. هذه الكلمة شعار كل مسلم إن لم تكن في حياته فهو ليس بمبلغ عن الله ورسوله .
واصبـر ..
إن الذين شرفهم ربهم بشرف القيام بالدعوة إليه عليهم أن يصبروا على إيذاء الناس لهم وعلى مقارعة الناس لهم ولا يكون ذلك إلا بالنظر في سيرة الأنبياء والمرسلين   عليهم السلام  والإقتداء بهم في مواجهة أقوامهم .

فقد قال الله  عز وجل لحبيبه محمد  صلى الله عليه وسلم  : 

]  وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [  (37) .
] فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ[  (38) .
] فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [  (39) .
] وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ   الْمُرْسَلِينَ [  (40) .
]  فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [  (41) .
ولقد أوصى لقمان   عليه السلام  ابنه وهو يعظه : ]  يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [  (42) .
فالصبر من الصفات الأساسية التى لا غنى عنها للداعى ولا سيما إذا قورن الصبر باليقين فلا تنال الإمامة في الدين إلا بهما قال الله   عز وجل ] وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [  (43) .
فبالصبر يبلغ الإنسان حاجته ، وباليقين يأتى الثبات على الأمر .

والخلاصة .. أن الصبر نوعان :
* اختيارى : ( الصبر على الطاعة والدعوة كما مر في الآيات ) .
* اضطرارى ( القدر المر ) : مثل الصبر على المرض ، وعلى ألم الضرب ، والجراح ، والبرد والحر ، وفقد الأولاد .
والصبر الاختيارى أكمل من الاضطرارى ، فإن الإضطرارى يشترك فيه الناس برهم وفاجرهم .. مؤمنهم وكافرهم .. (44)
واعلم أنه ما وصل من وصل إلى المقامات المحمودة والنهايات الفاضلة إلا على جسر المحنة والابتلاء .
كذا المعالى إذا ما رمت تدركها --- فاعبر إليها على جسرٍ من التعب
وقال المتنبي :
    تُرِيدِينَ إِدْرَاكَ الْمَعَالِي رَخِيصَةً ***   وَلا بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْل

----------------------
قال الله  سبحانه وتعالى ) إِنَّا خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (  (1).
وقال الله  سبحانه وتعالى )  تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ  الْغَفُورُ(  (2) .
وقال الله  سبحانه وتعالى )  إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً  (  (3) .
  فالله  عز وجل قد اقتضت حكمته أن يبتلى الرسل بأممهم ، والأمم برسلهم ، والحكام بالمحكومين ، والمحكومين بالحكام ، والقوى بالضعيف ، والضعيف بالقوى ، والغنى بالفقير ، والفقير بالغنى ، والصحيح بصحته ، والمريض بمرضه ، والزارع بمزرعته ، والتاجر بتجارته ، والصانع بصناعته .. الخ . فالكل مبتلى كلٌ على قدر دينه . فعن سعد  رضي الله عنه  قال : سُئل النبى صلى الله عليه وسلم  : أى الناس أشد بلاءاً ؟ قال : " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلباً في دينه اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقه هون  عليه ، فمازال كذلك حتى يمشى على الأرض ماله ذنب " ( رواه الترمذى في الزهد ، وابن ماجة ، والدارمى ، وقال الترمذى هذا حديث حسن ) (4) .
وعن أنس  رضي الله عنه  قال : قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم  : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وأن الله  عز وجل  إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط " ( رواه الترمذى وحسنه ) (5) .

فطريق الدعوة هو طريق الإبتلاء فالنبى صلى الله عليه وسلم  قبل الدعوة وهو في العبادة في غار حراء يتعبد .. قالوا عنه الصادق الأمين .. لكن لما جهر بالدعوة  قالوا ( ساحر ، مجنون ، كذاب ، كاهن .. ) .
* الذهب قبل وضعه في الفاترينة لابد له أن يوضع أولاً في النار .
* فالابتلاء مادة الاختبار لأهل الإيمان .
* والابتلاء للمنافق يجعله كعود الكبريت المضىء سريع الإطفاء إذا جاءته الريح.
* والبلاء للمؤمن يجعله كالنار في الغابة كلما جاءتها الريح تزداد اشتعالاً .. وهذا يعنى أنه كلما يأتى المؤمن البلاء يزداد إيماناً على إيمانه وفي هذا يقول الرسول المصطفي الكريم  صلى الله عليه وسلم  " مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة ، ومثل الكافر مثل الأرزة لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر " ( رواه الإمام أحمد عن جابر ) (6) .
* وعن أبى هريرة  رضي الله عنه  قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تستحصد " ( متفق عليه ) (7) .

وللبلاء صور مختلفة : 

قال الله  سبحانه وتعالى ] وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [ (8) . فالصلوات والرحمة والهداية بعد الإبتلاء والصبر .. فمن صور الابتلاء ( الخوف ) كما في الأحزاب : 
   أخرج الحاكم و البيهقى عن عبد العزيز ابن أخى حذيفة  رضي الله عنه  قال : ذكر حذيفة  رضي الله عنه  مشاهدهم مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال جلساؤه : أما والله لو كنا شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا فقال حذيفة  رضي الله عنه  : لا تمنوا ذلك لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود وأبو سفيان ومن معه فوقنا وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحاً منها في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهى ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه فجعل المنافقون يستأذنون النبى الكريم  صلى الله عليه وسلم  ويقولون أن بيوتنا عورة وما هى بعورة فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له ويأذن لهم ويتسللون ونحن ثلاثة مائة ونحو ذلك إذا استقبلنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  رجلاً .. رجلاً حتى أتى علىَّ وما على جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط امرأتى ما يجاوز ركبتى قال : فأتانى وأنا جاثٍ على ركبتى فقال من هذا ؟ فقلت حذيفة ، فقال : حذيفة ، فتقاصرت للأرض قلت : بلى يا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كراهية أن أقوم فقمت فقال : وأنا من أشد الناس فزعاً وأشدهم قراً قال : فخرجت فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته قال : فو الله ما خلق الله فزعاً ولا قراً إلا خرج من جوفي فما أجد فيه شيئاً .
قال : فلما وليت قال : يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئاً حتى تأتينى قال : فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت ضوء نار لهم توقد وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيديه على النار ويمسح بخاصرته ويقول الرحيل .. الرحيل ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك فانتزعت سهماً من كنانتى أبيض الريش فأضعه في كبد قوس لأرميه به في ضوء النار فذكرت قول رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لا تحدثن فيهم شيئاً حتى تأتينى فأمسكت ورددت سهمى إلى كنانتى ثم إنى شجعت نفسى حتى دخلت العسكر فإذا أدنى الناس منى بنو عامر يقولون : يآل عامر الرحيل .. الرحيل لا مقام لكم وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبراً فو الله إنى لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم تضرب بها ثم إنى خرجت نحو رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فلما انتصفت بى الطريق    أو نحو من ذلك إذ أنا بنحو من عشرين فارساً  أو نحو ذلك معتمين ، فقالوا أخبر صاحبك أن الله قد كفاه فرجعت إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو مشتمل في شملة يصلى فو الله ما عدا أن رجعت راجعنى البرد وجعلت أقرقف فأومأ إلىًّ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وهو يصلى فدنوت منه فأسبل على شملته وكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا حزبه أمر صلى فأخبرته خبر القوم أخبرته أنى تركتهم وهم يرحلون قال وأنزل الله تعالى : )  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً .. إلى قوله تعالى  .. وَكَفي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً  [  (9) .
( كذا في البداية ج 4 / 114 وأخرجه أبو داود وابن عساكر ) (10) .

ومن صور الإبتلاء ( الجوع ) الذى مر به أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  :

أخرج أبو نعيم في الحلية عن سعد  رضي الله عنه  قال : كنا قوماً يصيبنا ظلف العيش بمكة مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وشدته فلما أصابنا البلاء اعترفنا لذلك ومرنَّا عليه وصبرنا له ولقد رأيتنى مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بمكة خرجت من الليل أبول وإذا أنا أسمع بقعقعة شئ تحت بولى فإذا قطعة جلد بعير فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها فوضعتها بين حجرين ثم أستفها وشربت عليها من الماء فقويت عليها ثلاثاً (11) .. ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب .. حياة الصحابة  رضي الله عنهم  فهو مليئ بقصص جوع الصحابة الكرام  رضي الله عنهم  وهى أكثر من أن تحصى .

ومن صور البلاء ( نقص الأموال ) :

أخرج البيهقى عن أبى عمران  رضي الله عنه  قال غزونا المدينة يريد القسطنطينية ، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو فقال الناس مه مه لا إله إلا الله يلقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب  رضي الله عنه  إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا : هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله  سبحانه وتعالى )  وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(  (12) فالإلقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد . قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية (13) .
وهذا دليل على أن الصحابة  رضي الله عنهم  بسبب انشغالهم بالدين جاءهم النقص في الأموال والأنفس فصبروا وابتلوا بالجوع والخوف فصبروا .

ومن صور البلاء ( الابتلاء في الجسد بالمرض وفقد الأولاد ) : 

- مثل سيدنا أيوب   عليه السلام  :
كان سيدنا أيوب   عليه السلام  كثير المال من سائـر صنوفه وأنـواعه مـن
الأنعام والعبيد والمواشى والأراضى المتسعة وكان له أولاد كثير فسلب منه ذلك جميعه وابتلى في جسده بأنواع من البلاء ولم يبق منه عضو سليم إلا قلبه ولسانه يذكر الله  عز وجل بهما وهو في ذلك صابر محتسب ذاكر الله  عز وجل ليله ونهاره وصباحه ومسائه (14) .
فنادى ربه .. ] وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [  (15) وقال تعالى ] وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ *ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ[  (16) .
- ومثل عروة بن الزبير :
عن نافع بن ذؤيب قال : لما قدم عروة بن الزبير على الوليد بنعبد الملك فخرج برجله الأكلة فبعث إليه يعنى الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم إن لم ينشروها قتلته ، فقال : شأنكم بها . قالوا : نسقيك شيئاً لئلا تحس بما نصنع قال : لا شأن لكم بها . فنشروها بالمنشار فما حرك عضو عن عضو وصبر ، فلما رأى القدم بأيديهم دعا بها فقلبها في يده ثم قال أما والذى حملنى عليك أنه ليعلم انى ما مشيت بك إلى حرام أو قال معصية .

وفي رواية  أخرى عن هشام بن عروة : 

قيل فقطعت وإنه لصائم فما تضور وجهه قال : ودخل ابن له أكبر ولده اصطبل فرفسته دابة فقتلته فما سمع من أبى في ذلك شئ حتى قدم المدينة ، فقال اللهم إنه كان لى بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وكان لى أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة فلك الحمد وإيم الله لئن أخذت فلقد أعطيت ولئن ابتليت طالما عافيت (17) .

ومن صور البلاء أيضاً : ( الإبتلاء بالنعم )  :

قال الله  عز وجل )  فَأَمَّا الأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (  (18) .
وقال  سبحانه وتعالى )  وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( (19)  .
فلابد أن يبتلى الإنسان بما يسره وما يسوؤه ، فالنعم من الله  عز وجل يظهر بها شكر الشكور وكفر الكفور …
فسيدنا سليمان   عليه السلام  عندما رأى عرش بلقيس عنده قال )  هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ  (  (20) .
والأبرص والأقرع والأعمى .. كما في  الحديث عن أبى هريرة رضي الله عنه  أنه سمع النبى  صلى الله عليه وسلم  يقول إن ثلاثة من بنى إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً .. فأتى الأبرص فقال ( أى شئ أحب إليك ..؟ قال : لون حسن وجلد حسن ويذهب عنى الذى قد قذرنى الناس . فمسحه فذهب عنه قذره وأعطى لوناً حسناً ، فقال : في المال أحب إليك قال : الإبل أو قال البقر -  شك الراوى – فأعطى ناقة عشراء فقال : بارك الله لك   فيها .
فأتى الأقرع فقال : أى شئ أحب إليك ؟ قال شعر حسن ويذهب عنى هذا الذى قذرنى الناس فمسحه فذهب عنه وأعطى شعراً حسناً قال : في المال أحب إليك قال : البقر . فأعطى بقرة حاملاً . وقال بارك الله لك فيها .
فأتى الأعمى . وقال : أى شئ أحب إليك ؟ قال : أن يرد الله إلىَّ بصرى فأبصر الناس فمسحه فرد الله إليه بصره . قال أى المال أحب إليك ؟ قال : الغنم . فأعطى شاة والداً فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا وادٍ من الإبل ولهذا وادٍ من بقر ولهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته . فقال : رجل مسكين قد انقطعت بى الحبال في سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذى أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ به في سفرى . فقال : الحقوق كثيرة . فقال : كأنى أعرفك . ألم تكن أبرص يقذرك الناس . فقيراً فأعطاك الله ؟
فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر . فقال : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثلما رد هذا ، فقال :إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بى الحبال في سفرى فلا بلاغ لى اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذى رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفرى . فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلىَّ بصرى ، فخذ ما شئت فو الله لا أجهدك اليوم بشئ أخذته لله   عز وجل . فقال : أمسك مالك فإنما أبتليتم فقد رضى الله عنك وسخط على صاحبيك . متفق عليه (21) .
يقول الشيخ محمد عمر البلامبورى – رحمه الله - (22) : 
متى يعرف أنه ابتلاء لترقية العبد ومتى يعرف أنه ابتلاء عذاب ونقمة ؟ إذا كان الابتلاء بعد الطاعة وامتثال الأوامر فهو نعمة لترقية العبد ، أولاً  يأتى المشقة ثم يأتى الراحة. أما إذا جاء الابتلاء بعد المعصية مثل فرعون  )  أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاتُبْصِرُونَ [ (23) .  وقارون ] قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (  (24)  كانا أولاً في الراحة ثم أتى عليهما المشقة .
وقيل .. وُكِلَ البلاء بالولاء حتى لا يُدعى ..
   فالذى يقول أنا مؤمن .. أنا موحد أنا مجاهد يأتيه البلاء .
قال تعالى : )  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (  (25) .
لذلك يأتى الاختبار من الله  عز وجل )   الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (  (26) .
وقال تعالى )  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (  (27) .
ولذلك جعل الله  عز وجل الميزان هو الجهد .. قال تعالى :)  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (  (28) وقال تعالى  : )  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (  (29) وقال تعالى :)  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (  (30) .

ويقول ابن القيم رحمه الله : 

.. البلاء لابد له من صبر …  والصبر ثلاثة أنواع بها يكتمل الصبر :
 *   حبس النفس عن التسخط بالمقدور .
 *   حبس اللسان عن الشكوى .
 *   حبس الجوارح عن المعصية ( كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعوى الجاهلية) .
فإذا صبر الإنسان صارت المحنة منحة .. والبلية عطية .. والمكروه محبوب .. فالله  عز وجل ما امتحنه ليهلكه ولكن امتحنه ليختبر صبره وعبوديته فإن لله  عز وجل عبودية في السراء وله عبودية في الضراء وله عبودية على العبد فيما يكره كما له عبودية فيما يحب ، وأكثر البشر يعطون العبودية فيما يحبون ولكن تتفاوت المنازل عند الله (31) .

والابتلاء … لماذا ..؟

1) ليميز الله  سبحانه وتعالى الخبيث من الطيب ..
- وقد سئل الإمام الشافعى : يا أبا عبد الله : أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى ؟
-  فقال الإمام الشافعى : لا يُمكن حتى يُبتلى فإن الله إبتلى نوحاً وإبراهيم و موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم (32) .
2) للإختبار : قال تعالي :  )وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ((33)  وقال تعالي :  )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ(  (34) {}
3) والله يبتلينا لنرجع إليه بالتوجه والدعاء والذل والمسكنة " اللهـم إنـى أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى .. الخ " . والصبر على محن الدنيا أهون من الصبر على محن النار (35) .
*  فالذى يريد الدين بدون أحوال كالذى يريد العوم والسباحة بدون أن يبتل والذى يريد الملاكمة بدون أحد يلمسه .
*  الأحوال ليس مقصد ولكن مقصود الأحوال التربية .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا إبراهيم عليه السلام في النار .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا إسماعيل   عليه السلام  في وادى غير ذى زرعٍ .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا يونس   عليه السلام  في بطن الحوت .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا موسى   عليه السلام  في بيت فرعون .
*  الله  عز وجل ربى سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم  في شعب أبى طالب ، وفي الغار .
*   والصحابة تربوا في شعب أبى طالب ثلاث سنوات لأنهم الذين يذهبون إلى كسرى وقيصر والمقوقس والنجاشى والعالم كله … فالله  سبحانه وتعالى يُعدَهم للعمليات الخاصة لذلك فالله  سبحانه وتعالى ما نزل عليهم المن والسلوى وأكلوا ورق الشجر ، الله  سبحانه وتعالى يربى الداعى ويعلمه بنفسه .
*   فالحكومة تدرب رجال الصاعقة في الصحراء وتدربهم على أكل الحيات مع أن الحكومة عندها الطعام الشهى وكذلك الفنادق .. حتى يكونوا رجال عند الشدائد .
*  س : لماذا تأتى الأحوال على الداعي الخارج في سبيل الله  عز وجل ؟
·  ج : لأنه على طريق الأنبياء   عليهم السلام  وكان يصيبهم البلاء والامتحان والذى تأتى عليه الأحوال ويثبت ينزل الله  عز وجل كيفيات القلب التى كانت في قلب رسول الله  صلى الله عليه وسلم  (36) .
على الداعى أن لا يتأثر من الأحوال :
أبو بكر الصديق  رضي الله عنه  ما تأثر بموت الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  بل تأثر بالأمر ( كيف يعزل أسامة وقد عينه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ) وقال أبو بكر الصديق  رضي الله عنه  كلمة هى سبب قيام الدين في العالم إلى يوم القيامة .. أينقص الدين وأنا حى .. هذه الكلمة شعار كل مسلم إن لم تكن في حياته فهو ليس بمبلغ عن الله ورسوله .
واصبـر ..
إن الذين شرفهم ربهم بشرف القيام بالدعوة إليه عليهم أن يصبروا على إيذاء الناس لهم وعلى مقارعة الناس لهم ولا يكون ذلك إلا بالنظر في سيرة الأنبياء والمرسلين   عليهم السلام  والإقتداء بهم في مواجهة أقوامهم .

فقد قال الله  عز وجل لحبيبه محمد  صلى الله عليه وسلم  : 

]  وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [  (37) .
] فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ[  (38) .
] فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [  (39) .
] وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ   الْمُرْسَلِينَ [  (40) .
]  فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [  (41) .
ولقد أوصى لقمان   عليه السلام  ابنه وهو يعظه : ]  يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [  (42) .
فالصبر من الصفات الأساسية التى لا غنى عنها للداعى ولا سيما إذا قورن الصبر باليقين فلا تنال الإمامة في الدين إلا بهما قال الله   عز وجل ] وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [  (43) .
فبالصبر يبلغ الإنسان حاجته ، وباليقين يأتى الثبات على الأمر .

والخلاصة .. أن الصبر نوعان :
* اختيارى : ( الصبر على الطاعة والدعوة كما مر في الآيات ) .
* اضطرارى ( القدر المر ) : مثل الصبر على المرض ، وعلى ألم الضرب ، والجراح ، والبرد والحر ، وفقد الأولاد .
والصبر الاختيارى أكمل من الاضطرارى ، فإن الإضطرارى يشترك فيه الناس برهم وفاجرهم .. مؤمنهم وكافرهم .. (44)
واعلم أنه ما وصل من وصل إلى المقامات المحمودة والنهايات الفاضلة إلا على جسر المحنة والابتلاء .
كذا المعالى إذا ما رمت تدركها --- فاعبر إليها على جسرٍ من التعب
وقال المتنبي :
    تُرِيدِينَ إِدْرَاكَ الْمَعَالِي رَخِيصَةً ***   وَلا بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْل
هذا الموضوع من أبواب كتاب كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله
بقلم / محمد علي محمد إمام


----------------------
رابط الموضوع الاصلي

0
الصديقة بنت الصديق



 بسم الله الرحمن الرحيم

- من بداية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبداية صدعه بدين الله ، من تلك البداية وأعداء الدين يتربصون بالرسول الكريم .

- صور الإيذاء تعددت وأشكالة اختلفت وكان الغرض واحد وهو تثبيطه وصده عن نشر الحق في عصر امتلأ بصور الشرك المتعددة .

- فمن عبادة الأصنام لتكون شفعاء لهم عند الله ، لصفات جاهلية مقيتة من وأد للبنات وشرب الخمور والزنا بصوره المخزية والكثير من الصفات الجاهلية السيئة .

- بدأ الإسلام غريباً فكان أول من صدق هو الصديق رضي الله عنه من الرجال ومن النساء أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ومن الشباب علي رضي الله عنه ومن الموالي زيد رضي الله عنه .

- كان يمثل الاسلام هؤلاء واستمرت الدعوة ، وزاد عدد المسلمين بفضل رب العالمين ، رغم التنكيل ورغم التعذيب بصوره المتعددة بين تعذيب نفسي وتعذيب بدني .

ومع ذلك كان العدد في ازدياد ولم يكن في نقصان بفضل الكريم المنان .

- وبعد مراحل عديدة لإنتشار الدين العظيم عقد العزم سيد المرسلين وإمام المتقين المبعوث رحمة للعالمين على الهجرة للمدينة المنورة ووقع الإختيار على من صدق في بداية الإخبار الصديق رضي الله عنه .

- فبدأت الرحلة بتضحية قدمها علي بن أبي طالب بنومه في فراش المصطفى صلى الله عليه وسلم ، تضحية لايقدمها إلا من تشرب حب الدين ومرورً بحثو التراب على الكفار المترصدين ثم الدخول للغار وكان الصديق المختار يخاف على سيد الأبرار .

- نسي نفسه وكان خوفه و حزنه على الرسول عليه الصلاة والسلام فقال له : لاتحزن .. لماذا لايحزن يارسول الله والمشرك لو نظر عند قدميه لوجد الصديقين الرسول والصديق ؟

فكان الجواب بلا تردد : إن الله معنا ، عبارة تغنيك عن كل العبارات فمن كان الله معه وجد كل شيء ومن لم يكن الله معه فقد كل شيء .

- واستمرت الرحلة ، وتشرفت المدينة بمقدم النور العظيم ، نور الاسلام ونور العقيدة الصافية ، نور التوحيد .

- مرت مراحل عديدة وكل مرحلة يزداد الاسلام قوة وعزة ، ويزداد عدد المسلمين .

- ومازالت صور الإيذاء مستمرة ، من عمق الدولة الاسلامية ، فقد ابتليت بفئة المنافقين .

- المنافق ياسادة ، من يظهر الإسلام ويبطن الكفر والعصيان .

- المنافق ياإخوان ، معك باللسان ، ومعك بطيب الكلام ، معك بجوارحه الظاهره ولكن في داخله مجموعة شيطان .

- وأثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ، نزل الجيش للراحة ، وذهبت أم المؤمنين لتبحث عن عقد لها فقدته ، وعند عودتها كان الجيش الاسلامي قد غادر المكان .

- هذه الأم العظيمة ، بعد أن غادر الجيش وعادت بعد ذهابها للبحث عن عقدها لم تجد الجيش ولا الهودج فتلففت في جلبابها وبقيت في مكانها ، فمن يحملون الهودج لم يحسون بغيابها لخفة وزنها .

- بقيت تنتظر أن يعودو لها ، ليؤخذوها ، وكان في أواخر الجيش الصحابي الجليل : صفوان بن معطل رضي الله عنه وهو من خيرة الصحابة فلما رآها قال إنا لله وإنا إليه راجعون ظعينة رسول الله .

- لم يكلمها ولم يسألها بل أناخ البعير فصعدت وسار بها بلا حديث ولا سؤال فرضي الله عن من كانوا في الأدب والحياء مثال .

- حتى إذا أدركوا الجيش فبدأ المنافقون يحيكون المؤامرات وانطلقت الشائعات والأقوال المريبة والإفك المبين .

- وعند العودة للمدينة مرضت الصديقة بنت الصديق ولم تكن تعلم ما قيل عنها من أهل النفاق .

- فقدت الصديقة اللطف من الرسول صلى الله عليه وسلم فطلبت منه عليه الصلاة والسلام أن ياذن لها أن تُمرض

في بيت أبيها فرضي وغادرت لبيت الصديق رضي الله عنه .

- زاد الكرب على الرسول صلى الله عليه وسلم واصبح يستشير بعض صحابته في الأمر وانزلق في الفتنة بعض المؤمنين وكان الكرب عظيم والأمر جلل .

- لما علمت بالأمر من أم مسطح جلست تبكي حتى كاد البكاء يصدع كبدها رضي الله عنها .

- كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينتظر وحي من الله يبرئ الصديقة رضي الله عنها ، لم يكن بيده أمر الوحي وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام .

- في احد الأيام صعد النبي صلى الله علىه وسلم المنبر وقال : "أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت عليهم إلا خيراً ويقولون ذلك لرجل؛ والله ما علمت منه إلا خيراً، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي .

قال أسيد بن حضير:" يا رسول الله، إن يكونوا من الأوس نكفكهم، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج، فمرنا أمرك، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم".

قالت: فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت، لعمر الله، لا تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا. فقال أسيد بن حضير: كذبت لعمر الله، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين، قالت: وتساور الناس، حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيته .

- ثم استشار علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأسامة بن زيد رضي الله عنه فأما أسامة بن زيد فأثنى خيراً ثم قال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيراً، وهذا الكذب والباطل.

وأما علي فإنه قال: يا رسول الله، إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنها ستصدقك.

فقالت بريرة وهي الجارية والله ما أعلم إلا خيراً، وما كنت أعيب على عائشة شيئا، إلا أني كنت أعجن عجيني، فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله .

قالت عائشة رضي الله عنها : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا عائشة، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله، وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس، فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده.
قالت: فوالله إن هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي، حتى ما أحس منه شيئا، وانتظرت أبواي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يتكلما.
قالت: وأيم الله لأنا كنت أحقر في نفسي، وأصغر شأنا من أن ينزل الله في قرآنا يقرأ به ويصلى به، ولكني كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب به الله عني؛ لما يعلم من براءتي، أو يخبر خبرا، وأما قرآنا ينزل فيّ، فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك.
قالت: فلما لم أرى أبواي يتكلمان، قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالا: والله ما ندري بماذا نجيبه.
قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام.
قالت: فلما استعجما عليّ، استعبرت فبكيت، ثم قلت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أني منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون، لا تصدقونني، قالت: ثم التمست اسم يعقوب، فما أذكره، فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف:"فصبر جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ"
قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت وما باليت، قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده، ما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننت لتخرجن أنفسهما، فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس.
قالت: ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس وإنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول: أبشري يا عائشة، قد أنزل الله عز وجل براءتك.
قالت: قلت: الحمد لله .

ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حدهم .

فكان هذا خبر الإفك المبين .

دروس من حادثة الإفك : 


- الإتهام الباطل طال عرض النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخرين فمن طال عرضه اتهام من الدعاة وأهل الصلاح فلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم عزاء .
- الصبر مفتاح لكل فرج والروية والحكمة من الأمور المطلوبة عند حدوث أي مشكلة .
- استشارة ذوي العقول والحكمة في حال حصول المشكلة والاستنارة بقولهم ومشورتهم .
- عدم نشر أي إتهام لأي مسلم فعرض المسلم حرام فعلى من يبادر في نشر الإشاعات واتهام المؤمنين بالخوف من الله عز وجل .
-
- خطورة الإشاعة فعلى المؤمن أن يتق الله ولا ينقل الأخبار بمجرد السماع دون التوثق والتأني والسكوت في زمن الفتن وعدم الخوض في أعراض المؤمنين .
- المنافقون في كل زمان ومكان يطعنون في هذا الدين العظيم مرة في النبي صلى الله عليه وسلم ومرة في عرضه الشريف ومرة في الكتاب الكريم .
- السكوت زمن الفتن مطلب مهم على المؤمن أن يتحلى فيه وهو خير من الخوض في الأعراض .

- هذه بعض الدروس من حادثة الإفك التي برأ الله الصديقة منها بقرآن يتلى أناء الليل وأطراف النهار .

ومازال أعداء الدين يكررون الحديث بهذا الأفك فكأنهم يكذبون الله عز وجل و تبرأته ، أو يطعنون في كتابه العظيم .

- أعداء الدين من يريدون أن يطفئوا النور العظيم برسالة خير المرسلين النبي الأمين

- أعداء الدين تعددت لغاتهم وجنسياتهم وبقي شيء واحد اتفقوا عليه في كل زمان وحين وهو محاربة هذا الدين .

- وتظل أم المؤمنين أمنا لنا نفديها بارواحنا ودمائنا لانسكت لمن يتطاول عليها بل ندافع عنها بكل مانملك .

فيا أيــهــا العالم : 


أم المؤمنين هي زوجة سيد المرسلين وبنت شيخ الصديقين .
ام المؤمنين ، بالعلم اتصفت فكانت عالمة الزمن بعد وفاة النبي العدنان .

أم المؤمنين بالحياء توشحت فبعد دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنها في حجرتها ماانزلت عنها ثيابها حياءً من الله وحياءً من الفاروق رغم موته فهل هناك أجمل من صورة الحياء العائشي .

أم المؤمنين بالعطاء وصفت ، فقد كانت تنفق كل مالديها فقالت لها الخادمة لم يبقى لدينا شيء للإفطار فقالت لو ذكرتني لأبقيت نسيت نفسها فكانت صورة من صور العطاء العائشي .

أم المؤمنين ، هي الصديقة بنت الصديق ، والحبيبة بنت الحبيب ، والطيبة بنت الطيب ، والعالمة بنت العالم .

أم المؤمنين ، من كسبت شرف الزواج بأعظم شخصية في التاريخ محمد عليه الصلاة والسلام .

أم المؤمنين ، أحب الزوجات للرسول عليه الصلاة والسلام , من بقي أواخر حياته في بيتها تمرضه وتطببه وتعتني به .

أم المؤمنين ، من مات الرسول صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها .

أم المؤمنين من نزلت فيها آيات من نور هو نور البراءة من فوق سبع سماوات من رب البريات فكانت نور عظيم اضاء في المدينة لتكون هذه الحادثة خير لكم ولم تكن شرا لكم .

فعلى من تطاول عليها اللعنة إلى يوم الدين .

وقفة : 


قال تعالى : ( إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم لكل امرئ منهم مااكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) سورة النور آية 11

نور من السنة : 


عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل ، قال : فأتيته فقلت : يا رسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : من الرجال ؟ قال : أبوها )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ..

من الأدب : 


مقطع من قصيدة على لسان أم المؤمنين رضي الله عنها للشاعر ابي عمران الأندلسي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ


رابط الموضوع الاصلي

0
مزاحه ـ صلى الله عليه وسلم ـ

روى أنس بن مالك قال :
1 ـ إنْ كان النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخالطنا ـ أي : يلاطفنا ويمازحنا ـ حتى يقول لأخٍ لي (( يا أبا عُمير ، ما فَعَلَ النُّغَير ؟ )) .
وكان للصغير طيرٌ يلعب به ، فمات ، فحزن عليه .

2 ـ وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمازح نساءه ، فهذه عائشة رضي الله عنها كان رأسها يؤلمها ، فقالت : وارأساه ، فأراد الرسول اللطيف أن يمازحها فقال : (( يا عائشة لو أنّك متِّ لساعتك ، وأنا حيَّ لاستغفرتُ لك ، وكفـّنتـُكِ وصليتُ عليك ، وهذا خير من أنْ تموتي بعدي ، ولن تجدي مثلي مَنْ يفعل ذلك )) .
فنادت : واثكلياه . . أتريد أن أموت يا رسول الله لتتخلّص مني ؟! أنتم هكذا يا معشر الرجال ، تريدون أن تموت نساؤكم لِتَرَوْا غيرهُنَّ ، ولو أني متُّ لما اهتممتَ بي ، ، ولأتيتَ إلى بعض نسائك في بيوتهن تلاعبهن وتداعبهن وأنا ما أزال مسجّاةً على فراش الموت .

3 ـ وجاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأله أن يهبه دابّة يبلغ بها أهله فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( إني حاملك على ولد الناقة )) .
قال : يا رسول الله ، ما أصنع بولد الناقة ؟
وظنَّ أنه يعطيه ولد الناقة الصغير ، ونسي أن الناقة تلد الحُوارَ فيكبر حتى يصير جملاً .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( وهل يلدُ الإبلَ إلا النوقُ ؟! )) .

4 ـ وجاءت امرأة فسألته السؤال نفسه قائلة : 
(( يا رسول الله احملني على بعير )) .
قال لمن عنده : (( احملها على ابن بعير )) .
قالت : ما أصنع به ؟ وما يحملني يا رسول الله !
قال عليه الصلاة والسلام : (( وهل يجيء بعيرٌ إلا ابنَ بعير )) .

5 ـ وجاءت امرأة إلى الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت : إن زوجي يدعوك . .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( مَنْ هو ؟ أهو الذي بعينيه بياض ؟ )) .
فقالت : ما بعينيه بياض ! تقصد أنّه يرى جيداً وعيناه سليمتان .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( بل بعينه بياض )) . .
قالت : لا والله . .
وضحك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : 
(( ما من أحد إلا بعينيه بياض . وهو الذي يحيط بالحدقة )) .

6 ـ حتى إن أصحابه رضوان الله عليهم يمازحونه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى خيمة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك ، وكانت من جلدٍ صغيرةً لا تتسع إلا للقليل ، فسلّم عليه فردّ السلام على عوف وقال : (( ادخل يا عوف )) . .
فقال عوف : أكـُلـّي أدخل يا رسول الله ؟ موحياً بصغر الخيمة ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبتسماً : (( كـُلـّك )) فدخل .
........................................
رابط الموضوع الاصلي
http://www.saaid.net/mohamed/285.htm

0
بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد : فتعد بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم من أبرز مظاهر عظمته ، وأجلى دلائل نبوته ، فهو عليه الصلاة والسلام صاحب اللسان المبين والمنطق المستقيم ، والحكمة البالغة والكلمة الصادقة ، والمعجزة الخالدة .وقد زكى الله تعالى نطقه فقال عز وجل : " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى "(النجم3-4) وقال سبحانه :" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ " (الشعراء193-195) .
وقال صلى الله عليه وسلم عن نفسه :"وأوتيت جوامع الكلم " ،كما قال :"أنا أفصح العرب بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد" ولم يكن هذا افتخارا منه صلى الله عليه وسلم ، وإنما كان تقريرا لحقيقة ثابتة ، وكيف لايكون أفصح العرب وهو خاتم النبيين وسيد المرسلين ، وعلى قلبه نزل القرآن العظيم ، وقد رباه رب العالمين ،ونشأ وترعرع بين عرب فصحاء معربين .
وقد تبارى العلماء والبلغاء في وصف فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وسلم ومن أفضل ما قيل في ذلك ما سجله يراع الجاحظ رائد البلاغة العربية وأستاذها؛ إذ يقول في كتابه البيان والتبيين :"وأنا ذاكرٌ بعد هذا فَنّاً آخرَ من كلامه صلى الله عليه وسلم ، وهو الكلام الذي قلّ عدد حروفه وكثر عدد معانيه، وجَلَّ عن الصَّنعة، ونُزِّه عن التكلف، وكان كما قال اللّه تبارك وتعالى: قل يا محمد: " وما أنا مِنَ المتَكلِّفين " ص:68، فكيف وقد عابَ التشديق، وجانب أصحاب التعقيب، واستعمل المبسوطَ في موضع البسط، والمقصورَ في موضع القصر، وهَجَر الغريبَ الوحشيَّ، ورغِبَ عن الهجين السُّوقيّ، فلم ينطِقْ إلا عن مِيراثِ حكمَةٍ، ولم يتكلَّم إلا بكلامٍ قد حُفَّ بالعصمة، وشُيِّد بالتأييد، ويُسِّرَ بالتوفيق، وهو الكلامُ الذي ألقَى اللّه عليه المحبّةَ، وغشَّاهُ بالقَبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة، وبَيْن حُسنِ الإفهام، وقلّة عدد الكلام، مع استغنائه عن إعادته، وقِلّةِ حاجة السامع إلى معاوَدته، لم تسقط له كلمة، ولا زَلّت به قَدَم، ولا بارَتْ له حجَّة، ولم يَقُم له خَصم، ولا أفحمه خطيب، بل يبذُّ الخُطَبَ الطِّوال بالكلِم القِصار ولا يَلتمِس إسكاتَ الخصم إلا بما يعرفه الخصم، ولا يحتجُّ إلا بالصِّدق ، ولا يطلب الفَلْج إلا بالحق، ولا يستعين بالخِلابة، ولا يستعمل الموارَبة، ولا يهمِز ولا يَلْمِز، ولا يُبْطِيءُ ولا يَعْجَل، ولا يُسْهِب ولا يَحْصَر، ثم لم يَسْمع الناسُ بكلامٍ قَطّ أعمَّ نفعاً، ولا أقصَدَ لفظاً، ولا أعدلَ وزناً، ولا أجملَ مذهباً، ولا أكرَم مطلباً، ولا أحسنَ موقعاً، ولا أسهل مخرجاً، ولا أفصح معنًى، ولا أبين في فحوَى، من كلامه صلى الله عليه وسلم كثيراً.
وقال القاضي عياض : " وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول فقد كان صلى الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الأفضل ،والموضع الذى لا يجهل سلاسة طبع ،وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، ونصاعة لفظ، وجزالة قول، وصحة معان، وقلة تكلف .أوتى جوامع الكلم ،وخص ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، فكان يخاطب كل أمة منها بلسانها، ويحاورها بلغتها، ويباريها في منزع بلاغتها، حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن عن شرح كلامه وتفسير قوله.

نماذج من بلاغته صلى الله عليه وسلم:

وأما كلامه المعتاد وفصاحته المعلومة وجوامع كلمه وحكمه المأثورة فقد ألف الناس فيها الدواوين ،وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب، ومنها مالا يوازى فصاحة ولا يبارى بلاغة كقوله: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم) * وقوله :الناس كأسنان المشط ،والمرء مع من أحب ، ولا خير في صحبة من لا يرى لك ما ترى له ،والناس معادن ، وما هلك امرؤ عرف قدره ، والمستشار مؤتمن وهو بالخيار ما لم يتكلم ورحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم) * وقوله: أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن أحبكم إلى وأقربكم منى مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا الذين يألفون ويؤلفون. وقوله: "لعله كان يتكلم بمالا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه" وقوله :"ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها" .

ومن الكلمات التي لم يسبق إليها النبي صلى الله عليه وسلم:

قوله: حمى الوطيس، ومات حتف أنفه، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، والسعيد من وعظ بغيره ، أفضل الصدقة جهد المقل ، حبك للشيء يعمي ويصم ، اليد العليا خير من اليد السفلى " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل . إلى غير ذلك ممايدرك الناظر العجب في مضمونها ،ويذهب به الفكر في أداني حكمها .وقد قال له أصحابه ما رأينا الذى هو أفصح منك فقال، وما يمنعنى وإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربي مبين وقال مرة أخرى:" أنا أفصح العرب بيد أنى من قريش ونشأت في بنى سعد".
لقد جمع الله له بذلك بين قوة عارضة البادية وجزالتها ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها إلى التأييد الإلهى الذى مدده الوحى الذى لا يحيط بعلمه بشرى.وقالت أم معبد في وصفها له حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقة خرزات نظمن.

من خصائص البيان النبوي :

وقد ذكر أديب العربية الأكبر في القرن العشرين الأستاذ مصطفى صادق الرافعي أن البيان النبوي انفرد عن غيره بأسباب طبيعية فيه فهو من جهة اللغة مسدد اللفظ ، محكم الوضع جزل التركيب ، متناسب الأجزاء في تأليف الكلمات ، فخم الجملة ، واضح الصلة بين اللفظ ومعناه ...ثم لا ترى فيه حرفًا مضطربًا ، ولا لفظة مستدعاة لمعناها ومستكرهة عليه ، ولا كلمة غيرها أتم منها . وهو من جهة البيان تراه حسن المغزى بين الجملة ، واضح التفصيل ، ظاهر الحدود ، جيد الوصف ، متمكن المعنى ، واسع الحيلة في تصريفه ، بديع الإشارة ، غريب اللمحة ، ناصع البيان ثم لا ترى فيه إحالة ولا استكراهًا ، ولا ترى اضطرابا ولاخطلا ولا استعانة من عجز ولا توسعًا من ضيق ولا ضعفا في وجه من الوجوه .أضف إلى هذا سمو المعنى وفصل الخطاب والتصرف في كل طبقات الكلام ، ليجتمع من هذا وما إليه نسق في البلاغة يجمع الخالص من سر اللغة ومن البيان ومن الحكمة .
وبعد ، فإن الكلام عن بلاغة الرسول حديث يطول ، وفي الإشارة ما يغني عن العبارة . والحمد لله رب العالمين .
...............................
رابط الموضوع الاصلي
http://www.saaid.net/mohamed/284.htm

0
كلمات في السيرة


ـ السيرة النبوية، لا غنى عنها لفهم القرآن، ولا غنى عنها لفهم الحياة. 
ـ السيرة النبوية، هي أدق ما كُتب عن إنسان : أعظمُ ترجمة، وأجملة قصة، وأصدق رواية، وأكرم تجربة، وأمثل أنموذج لدعوات النهضة في كل زمان ومكان . 
ـ السيرة تقول لك ـ عمليًا ـ إن مع العسر يسرًا، لا تحزن إن الله معنا، النصر مع الصبر، العاقبة للمتقين، الدائرة على المجرمين، فسيكفيكهم الله، إنهم يمكرون، ويمكر الله ُ، والله خير الماكرين. 
ـ حدثنا رجلٌ إسباني قائلاً : "لقد أسلمتُ لما قرأتُ السيرة النبوية". 
ـ السيرة تقول: لا تتعجل النصر، فإن الثمرةَ لا تحلولي حتى تستوفي نضجها.
ـ السيرة تقول: إنما الـمَجد لأصحاب الهمم العالية، فلا تزال الهمم العالية تصبو إلى الفوز، حتى تجوز قصبات السبق .
ـ إذا أردت أن تنسف آمالك فسلط عليها اليأس، فهو كفيل بتخريب كل شيء !
ـ سترى في السيرة النبوية كيف تتجسد الحكمة في شخص، وتتحرك الأخلاقُ بين الناس رجالاً . 
ـ من الأمثال التي تنطق بها السيرة : كن عضوًا في جماعة الأسود، ولا تكن قائدًا لجماعة النعام . 
ـ الإخلاص وهو السر الوحيد وراء خلود الأعمال والتجارب .
ـ السمة الغالبة في مَن آمن وهاجر وجاهد هي التجرد ، والسمة الغالبة في مَن آوى ونصر وأنفق هي الإيثار، وكلاهما ـ أي التجرد والإيثار ـ هما الزراعان اللذان كان يبني بهما رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
ـ رأينا في السيرة رجالاً حول الرسول سقطوا وانقلبوا على أعقابهم .. كانت مشكلتهم التي كادت أن تجمع بينهم هي سوء فهمهم للإسلام . 
ـ الجهد الذي بذله أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ للإسلام، يفوق الجهد الذي بذلته جماعة الصحابة قاطبةً.
ـ الضائع الهالك من هزمه عدوُه هزيمةً نفسية، أي هزيمة دون قتال ! 
ـ كثيرًا ما ننسى أن المعركة بين الحق والباطل، معركةٌ بين السماء والأرض !
ـ التائه الخائب من ترك الجماعة إلى الفرد، والحائر البائر من تردد بين الحق والباطل، والغبي الأحمق مَن فكر كثيرًا بين طريق مسدود وآخر ممهدٍ مورود، ولم أجد أضيع من رجل عاش منافحًا عن منهج كاسد، وزعيم فاسد. 
ـ حياة الإنسان قصيرة جدًا ، لكنها تطول في ذاكرة البشرية بمقدار ما قدم للبشرية .
ـ إذا أحببت أن تتعلم القيادة فتعلم أولاً الجندية . فلم نر قائدًا ناجحًا إلا ونراه قبلُ كان جنديًَا صالحًا . 
ـ مهما قدمنا وبذلنا فنحن عيالٌ على الصحابة، فالعمل هو العمل، ولكن القلب غير القلب، والسعيدُ من جمع بين جنبيه فضائلَهم، وجسدها في سلوكه.
ـ أقلُ كتابٍ في السيرة كفيلٌ بهدم فكرة " العلمانية"، أي فصل الدين عن الدولة، فأنت في السيرة ترى الدينَ والدولةَ هما الإسلامَ بعينه.
ـ " عالمية الإسلام"، " شمولية الإسلام "، " وسطية الإسلام"، "واقعية الإسلام"... كلها دروس بديهية في السيرة النبوية.
ـ محاور السيرة النبوية : سيرة الفرد ثم سيرة الجماعة ثم سيرة الدولة. 
ـ الأحداث الكبرى في السيرة؛ أربعةٌ ، لا يعدلها شيء : نزول الوحي، والهجرة، وبدر، وصلح الحديبية.
ـ الفرق بيننا وبين أي جماعة من البشر، أن سيرةَ قائدنا بكل تفاصيلها بين أيدينا، وسوانا لا يملك شيئًا سوى أساطيرَ عن رجل مصلوب ومعبود، أو بقرةٍ يترنح حولها البشر في ركوع وسجود، أو كوكبٍ، أو حجرٍ، أو فيلسوف مجهول.
ـ الذين يزرعون أقل بكثير من الذين يأكلون، غير أن فضل الزارع على الآكل كفضل الشمس على الأرض، فتأملْ فضلَ الصحابة على من سواهم .
ـ حبةُ الحنطة أنفع من حبة التفاح، فهذه من المكملات وتلك من الأساسيات، وهذا هو الفرق بين الدعوة الشاملة التي تنفع الناسَ عامة، والدعوة الناقصة التي ينتفع بها طائفة؛ تلك التي تتزي بزي كاذب، وتركز على الشكل دون المضمون، ولو تعلم هذه الدعوات المختلة أن رائحة التفاح لا تسمن ولا تغني من جوع ! 
ـ حينما تدور رحى الحرب، ويلوذ المؤمنون بأستار الله؛ فإن النتائج المنطقية غالبًا ما تغيب في مثل هذه الحروب .
ـ إن اللبنة الأولى في مشروع إعادة المجد الإسلامي؛ يتمثل في ضرورة الفهم السليم للإسلام . فلن ينصر الإسلامَ مَن اختل فهمه فيه، ولن ينشر الإسلامَ مَن أخذ ببعض الكتاب وكفر ببعض، بل الناصرون هم الذين يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ، وفهموا الإسلام فهمًا شاملاً، منهجًا للحياة، ودستورًا حاكمًا، وشريعةً قائمة.
ـ النفوس الجبانة هي أكثر ُالنفوسِ المتجرئة على الله . والمترفون لا يقيمون حضارة. وصنفان لا تُجدي معهما أحكامُ الله : المترددون والغافلون. فأحكام الله يجب أن تُأخذ بيدين: يدٌ جادة وثّابة، ويدٌ ذاكرة متدبرة : "خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "

المصدر : موقع رسالة الإسلام
........................................................
رابط الموضوع الاصلي 
http://www.saaid.net/mohamed/283.htm
 
تعريب وتطوير مدونة الفوتوشوب للعرب
ايجي فور © 2010 | عودة الى الاعلى
Designed by Chica Blogger